وفاة الأستاذ الدكتور محمد عبد الله دراز في 16 جمادى الآخرة سنة 1377 هـ :
هو علمٌ شامخٌ من أعلام النهضة الإسلامية البارزين في مصر في القرن الرابع عشر الهجري .
نشأ في بيتٍ عامرٍ بالتقوى والصلاح، والعلم والعرفان، والسماحة والعطاء، محفوفًا برعاية من والده الفاضل الشيخ عبد الله دَراز – شيخ علماء دمياط – فاقتبس الفتى الناشئ من فضائل والده المروءة والشهامة، وحب العلم والصلاح.
من أبرز صفاته الشخصية: الفطنة، والذكاء، والحلم والأناة، والتواضع، والوداعة والوفاء، والجرأة والصلابة بالحق، والإقدام، ومواقفه شهيرةٌ في نشر رسالة الإسلام، والعمل على تبليغها في عالم الغرب.
- كانت ولادته في قرية "محلة دياي " في محافظة كفر الشيخ سنة 1312هـ/1894م.
- حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره.
- عرف من صغر سنه بالفطنة والذكاء، والنباهة والطموح، وتساميه على أقرانه في العلم والمعرفة، وتفوقه عليهم في أكثر مراحل الدراسة.
- انتقل إلى الإسكندرية في أوائل سنة 1905م.
- التحق بالمعهد الديني في مدينة الإسكندرية، وحاز على الشهادة الثانوية فيها سنة 1912م.
- أجازهُ العلامة الشِّنقيطي بالتحديث، وهو في طريقه لأداء فريضة الحج في القاهرة.
- حصل على شهادة العالمية النظامية سنة 1916م.
- عُيِّن مدرسًا عقب تخرجه بمعهد الإسكندرية الديني.
- انصرف إلى دراسة اللغة الفرنسية في المدارس الليلية، حتى كان أول الناجحين في شهادة القسم العالي منها سنة 1919م.
- اختير للتدريس بالقسم العربي في الأزهر الشريف سنة 1928م، ثم بقسم التخصص سنة 1929م، ثم بالكليات الأزهرية سنة 1930م، ثم في قسم التخصص بها.
- صنف فضيلته كتابه "المختار من كنوز السنة " سنة 1350هـ/1932م عندما عهد إليه بتدريس مادتي التفسير والحديث في كلية أصول الدين.
- أشرف على طباعة تعليق والده على كتاب "الموافقات للشاطبي".
- ابتدأ فضيلته بكتابة بحوث في القرآن الكريم، قدَّمها بين يدي التفسير، فأملاها على طلاب كلية أصول الدين، بالجامع الأزهر المعمور سنة 1352هـ/1932م،
- قصد فضيلته بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج سنة 1355هـ/1936م.
- اختير مبعوثًا من الجامعة الأزهرية إلى فرنسا للالتحاق بجامعة السوربون في باريس، فأمضى خارج القطر المصري اثني عشر عامًا في غرة ربيع الأول سنة 1355هـ إلى سلخ ربيع الثاني 1367هـ (مارس 1937م – آذار 1948م) .
- حاز على شهادة الليسانس من السوربون سنة 1940م.
- ابتدأ فضيلته بتحضير رسالتي الدكتوراه في اللغة الفرنسية، الأولى عنوانها: "القرآن" (Koran) . والثانية ترجم المؤلف عنوانها في "النبأ العظيم" الطبعة الثالثة سنة 1389هـ/1969م "دستور الأخلاق بالقرآن" “La Morale Koran” والترجمة الحرفية لها "أخلاق القرآن".
وهذه الرسالة نقلها إلى العربية وحقَّقها وعلق عليها دكتور عبد الصبور شاهين، وصدرت الطبعة الأولى بالعربية سنة 1393هـ/1973م بعد مضي ربع قرن ونَيّف من ظهور الرسالة بالفرنسية، واستغرق المؤلف في كتابة هذه الرسالة بالفرنسية ما يقرب من ست سنوات (1941م – 1947م)، وقد نوقشت هذه الرسالة أمام لجنة مكونة من خمسة أعضاءٍ من أساتذة جامعتي السوربون، والكوليج دي فرانس قوامها الأساتذة: لويس ماسينيون، وليفي بروفنسال، ولوسن، وفالون، وفوكونيه. في الخامس عشر من شهر كانون الأول سنة 1947م، ومنحته اللجنة الفاحصة شهادة الدكتوراه بمرتبة الشرف العليا.
- عاد فضيلته من فرنسا إلى مصر في شهر آذار 1948م.
- حصل فضيلته على عضوية جماعة كبار العلماء في مصر سنة 1949م.
أمضى فضيلته تسعة أعوام أخر في مصر، ونيطت به شؤون علميةٌ، من أبرزها:
• إلقاء محاضرات في علم تاريخ الأديان بكلية الآداب بجامعة القاهرة.
• محاضرات في فلسفة الأخلاق بقسم التخصص بالجامعة الأزهرية.
وخلال مكث فضيلته في مصر أُسْنِدَ إليه العملُ في كثيرٍ من اللجان، بالإضافة إلى قيامه بالتدريس بالجامعة منها:
- العمل في اللجنة العليا السياسية للتعليم.
- العمل في المجلس الأعلى للإذاعة.
- العمل في اللجنة الاستشارية للثقافة بالأزهر المعمور. إلى جانب اختياره في المؤتمرات الدولية والعلمية ممثلاً لمصر والأزهر الشريف.
- عرض على سماحته أن يتولى مشيخة الأزهر الشريف في سنة 1953م فرفضها بسبب القيود التي كان يتضمنها العرض اعتزازًا بدين الله وإخلاصًا لربه ومعتقداته.
- وصدرت لفضيلته مجموعة من المؤلفات القيمة منها باللغة العربية كتاب "الدين" وهو بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان، وقد نشره عام 1371هـ/1952م، والكتاب جديدٌ في موضوعه ومادته ومنهجه باللغة العربية.
- ومن بحوثه باللغتين العربية والفرنسية: مبادئ القانون الدولي العام في الإسلام، والربا في نظر القانون الإسلامي، والأزهر الجامعة القديمة الحديثة.
ثم استجاب فضيلته لما كان يتلقاه من أبنائه الطلبة، وزملائه الأساتذة من رسائل لمتابعة بحوثه في القرآن التي ابتدأ بها، ولم يتيسر له إتمامها وطبعها، لظروف خاصة في حينها أحاطت به إلى أن آذن الله بالعون، فأنجز ما ابتدأ به وأصدرها تحت عنوان "النبأ العظيم" وأخذ هذا الكتاب أهبته للخروج من نطاق الثقافة الجامعية إلى فضاء الثقافة العالمية كي يتحدث إلى كل عقلٍ واعٍ ناقدٍ، وإلى كل ذي قلبٍ بصيرٍ.
ومن مؤلفاته: "نظرات في الإسلام" إلى جانب الجمِّ الغفير من مقالاته الممتعة، الغنية بالأفكار الواسعة، التي كان يمد بها المجلات العلمية والأدبية ومحاضراته التي كان يطالع بها المسلمين من محطة الإذاعة، فترطب القلوب الجافة، وتنير الطريق إلى الحق والخير.
ومما عرف عنه رحمه الله أنه كان يقرأ كل يوم سدس القرآن، وما ترك هذه العادة يومًا واحدًا حتى في إبان محنة الحرب التي عاصرها في فرنسا، وما كنت تراه إذا اختلى بنفسه إلا مصليًّا أو قارئًا للقرآن.
استمر فضيلته في نشاطاته المختلفة عاملاً، وباهتماماته في معالجة الشؤون الإسلامية منصرفًا حتى وافاه الأجل المحتوم، ملبيًّا دعوة ربه عشية يوم الاثنين السادس عشر من شهر جمادى الثانية سنة 1377هـ، الموافق للسادس من شهر كانون الثاني سنة 1958م، عندما كان في لاهور بباكستان ممثلاً لمصر، في مؤتمر الثقافة الإسلامية، فتناقلت وكالات الأنباء نبأ وفاته، وأذاعت محطات الإذاعة نعيه في جميع أنحاء العالم، فبكاه الأزهر، وافتقد العالم الإسلامي عالمًا عاملاً مجاهدًا جليلاً.
وفاة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك 15 جمادى الآخرة من سنة 96 هـ :
واسمه الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي ، أبو العباس.
كان ولي عهد أبيه عبد الملك بن مروان ، ثم تولى الخلافة بعده .
وجه القادة لفتح البلاد ، وكان من رجاله محمد بن القاسم وقتيبة ابن مسلم وموسى بن نصير وطارق بن زياد. امتدت في زمنه حدود الدولة الإسلامية من المغرب الأقصى وإسبانيا غربا إلى بلاد الهند وتركستان فأطراف الصين شرقا واهتم بالعمران ، فأنشأ الطرق بخاصة الطرق المؤدية إلى الحجاز، كما حفر الآبار على طول هذه الطرق ، ووظف من يعنى بهذه الآبار ويمد الناس بمياهها.
وهو أول من استحدث المستشفيات في الإسلام وحجز المجذومين وأجرى لهم الأرزاق ، وأعطى لكل أعمى قائدًا ولكل مقعد خادمًا ، وجعلهم يتقاضون نفقاتهم من بيت المال ، وتعهد الأيتام وكفلهم ، وأقام بيوتا ومنازل لإقامة الغرباء .و كان يكرم حملة القرآن و يقضي عنهم ديونهم .
وروي أنه قال: لولا أن ذكر اللّه آل لوط في القرآن ما ظننت أحداً يفعله .
الوليد باني المسجد الأموي وقبة الصخرة
من آثار الوليد الخالدة في العمارة المسجد الأموي بدمشق وكان يعد من عجائب الدنيا
قال الحافظ ابن كثير : " بنى الوليد الجامع الأموي فلم يكن له في الدنيا نظير، وبنى صخرة بيت المقدس عقد عليها القبة ، وبنى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ووسعه حتى دخلت الحجرة التي فيها القبر فيه ، وله آثار حسان كثيرة جداً ".
الناس على دين مليكهم
قالوا: وكانت همة الوليد في البناء، وكان الناس كذلك يلقى الرجل الرجل فيقول: ماذا بنيت؟ ماذا عمرت؟ وكانت همة أخيه سليمان في النساء، وكان الناس كذلك، يلقى الرجل الرجل فيقول: كم تزوجت؟ ماذا عندك من السراري؟ وكانت همة عمر بن عبد العزيز في قراءة القرآن، وفي الصلاة والعبادة، وكان الناس كذلك، يلقى الرجل الرجل فيقول: كم وردك؟ كم نقرأ كل يوم؟ ماذا صليت البارحة؟ والناس يقولون: الناس على دين مليكهم ، إن كان خماراً كثر الخمر، وإن كان شحيحاً حريصاً كان الناس كذلك، وإن كان جواداً كريماً شجاعاً كان الناس كذلك، وإن كان طماعاً ظلوماً غشوماً فكذلك، وإن كان ذا دين وتقوى وبر وإحسان كان الناس كذلك وهذا يوجد في بعض الأزمان وبعض الأشخاص والله أعلم.
وفاته
ثم كانت وفاته في يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة من سنة 96 هـ ، ودفن في دمشق وكان عمره 48 سنة ومدة حكمه عشر سنوات وبضعة أشهر
وكان الذي صلى عليه عمر بن عبد العزيز لأن أخاه سليمان كان بالقدس الشريف ، وكانت مدة خلافته تسع سنين وثمانية أشهر على المشهور.
وفاة الجنيد الزاهد في 16 جمادى الآخرة سنة 298 هـ :
اسمه : الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزاز، أبو القاسم .
ولد ببغداد ونشأ فيها. عرف بالخزاز لأنه كان يعمل الخز ، وكان يعرف بالقواريري لأن أباه كان يصنع القوارير.
قال أحد معاصريه : ما رأت عيناي مثله ، الكتبة يحضرون مجلسه لألفاظه ، والشعراء لفصاحته ، والمتكلمون لمعانيه .
صحب خاله السري السقطي والمحاسبي وغيرهما ، وصحبه أبو العباس بن سريج الفقيه الشافعي المشهور .وأصل الجنيد من نهاوند ، ونشأ بالعراق، وتفقه بأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وكان يفتي بحضرته وعمره عشرون سنة، وقيل : إنه كان على مذهب سفيان الثوري .
قال الحافظ بن كثير : " ولازم التعبد، ففتح الله عليه بسبب ذلك علوماً كثيرة، وتكلم على طريقة الصوفية ، وكان ورده في كل يوم ثلاثمائة ركعة، وثلاثين ألف تسبيحة.
ومكث أربعين سنة لا يأوي إلى فراش، ففتح عليه من العلم النافع والعمل الصالح بأمور لم تحصل لغيره في زمانه، وكان يعرف سائر فنون العلم، وإذا أخذ فيها لم يكن له فيها وقفة ولا كبوة، حتى كان يقول في المسألة الواحدة وجوهاً كثيرة لم تخطر للعلماء ببال " .
وعده العلماء شيخ الصوفية لضبط مذهبه بقواعد الكتاب والسنة ، ولكونه مصونا من العقائد الذميمة ، لأنه كان يقول: من لم يحفظ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر، لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة.
وسئل السري عن الشكر والجنيد صبي يلعب فأجاب الجنيد : هو أن لا يستعين بنعمه على معاصيه ، وحج الجنيد على قدميه ثلاثين حجة .
يقرأ القرآن عند وفاته
وقال الجريري: كنت واقفاً على رأس الجنيد في وقت وفاته وكان يوم جمعة وهو يقرأ القرآن، فقلت له: يا أبا القاسم ارفق بنفسك، فقال لي: يا أبا محمد ! أرأيت أحد أحوج إليه مني في هذا الوقت، وهو ذا تطوى صحيفتي، وكان قد ختم القرآن الكريم ثم بدأ بالبقرة فقرأ سبعين آية ثم مات رحمه اللَّه تعالى.
توفي في بغداد في 16 جمادى الآخرة سنة 298 هـ ، ودفن عند قبر خاله سري السقطي ببغداد
وفاة أبي حامد الغزالي في 14 جمادى الآخرة 505 هـ :
اسمه : محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ، أبو حامد الغزالي الفقيه الشافعي .
ولد سنة خمسين وأربعمائة، وتفقه على عبد الملك بن عبد الله الجويني إمام الحرمين ، وبرع في علوم كثيرة، وله مصنفات منتشرة في فنون متعددة، وكان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه
وساد في شبابه حتى أنه درّس بالنظامية ببغداد ، في سنة أربع وثمانين، وله أربع وثلاثون سنة، فحضر عنده كبار العلماء، وكان ممن حضر عنده أبو الخطاب وابن عقيل، وهما من رؤس الحنابلة، فتعجبوا من فصاحته واطلاعه ، قال ابن الجوزي: وكتبوا كلامه في مصنفاتهم.
ثم إنه خرج عن الدنيا بالكلية وأقبل على العبادة وأعمال الآخرة، وكان يرتزق من النسخ، ورحل إلى الشام فأقام بها بدمشق وبيت المقدس مدة، وصنف في هذه المدة كتابه (إحياء علوم الدين)،
قال الحافظ ابن كثير : وهو كتاب عجيب، ويشتمل على علوم كثيرة من الشرعيات، وممزوج بأشياء لطيفة من التصوف وأعمال القلوب، لكن فيه أحاديث كثيرة وغرائب ومنكرات وموضوعات، كما يوجد في غيره من كتب الفروع التي يستدل بها على الحلال والحرام، فالكتاب الموضوع للرقائق والترغيب والترهيب أسهل أمراً من غيره، وقد شنع عليه أبو الفرج بن الجوزي، ثم ابن الصلاح في ذلك تشنيعاً كثيراً، وأراد المازري أن يحرق كتابه (إحياء علوم الدين)، وكذلك غيره من المغاربة، وقالوا: هذا كتاب إحياء علوم دينه، وأما ديننا فإحياء علومه كتاب الله وسنة رسوله.
وقد كان الغزالي يقول: أنا مزجي البضاعة في الحديث.
ويقال: إنه مال في آخر عمره إلى سماع الحديث والحفظ للصحيحين، وقد صنف ابن الجوزي كتاباً على الأحياء وسماه (علوم الأحيا بأغاليط الإحيا).
قال ابن الجوزي: ثم ألزمه بعض الوزراء بالخروج إلى نيسابور فدرس بنظاميتها، ثم عاد إلى بلده طوس فأقام بها، وابتنى رباطاً واتخذ داراً حسنة، وغرس فيها بستاناً أنيقاً، وأقبل على تلاوة القرآن وحفظ الأحاديث الصحاح .
من مصنفاته في الفقه كتاب (الوسيط) و (البسيط) و (الوجيز) ، وصنف في أصول الفقه كتاب (المستصفى) ، وألف في الرد على الباطنية ( فضائح الباطنية ) وله كتب أخرى كثيرة.
سأله بعض أصحابه وهو في سياق الموت فقال له : أوصني ، فقال : عليك بالإخلاص، ولم يزل يكررها حتى مات رحمه الله
وكانت وفاته في يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة من سنة 505 هـ ، ودفن بطوس رحمه الله تعالى .