بسم الله الرحمان الرحيم
الصلاة و السلام على أشرف الخلق سيدنا و حبيبنا و شفيعنا محمد و على أله و صحبه أجمعين الي يوم الدين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشروع القرار الذي أقرّه الكنيست الصهيوني مؤخراً، باعتبار القدس ـ أولى القبلتين وثالث المسجدين الشريفين ـ عاصمة لـ«إسرائيل وللشعب اليهودي»، هو تحد سافر ليس فقط للحقائق التاريخية وللشرائع الدولية وللمجتمع الدولي الذي يلوذ بالصمت المريب، بل هو صفعة على وجه كل عربي ومسلم، وتحد لهم جميعاً وهو اعتداء صارخ على قبلتهم الأولى حيث ثالث الحرمين الشريفين حيث تشد الرحال، وعلى كرامتهم وتاريخهم وحضارتهم.
وهذا المشروع الأخطر الذي لا يجد من «مجتمع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحراس السلام» في العالم الغربي بزعامة الولايات المتحدة إلا كل الصمت والتجاهل تجاه «رصاصة الرحمة» التي تطلقها دولة الاحتلال العنصرية على «الفرصة» التي تجرى محاولات إخراجها من غرفة الإنعاش للتوصل إلى تسوية أو سلام قابل للحياة يقبل به العرب والفلسطينيون، هذا المشروع يأتي ليحكم الطوق بثلاثية الأضلاع أولها قرار الكنيست الصهيوني في نوفمبر عام 1967 بعد ستة أشهر من الهزيمة الساحقة والمذلة التي تعرضت لها الأنظمة العربية، بضم المدينة المقدسة، وثانيها الاستيطان المكثف والتهويد والذي شهد أكبر أنشطته في ظل المفاوضات التي ثبت عقمها وعبثيتها بعد خسارة الشعب الفلسطيني عشرين عاماً آخر من تاريخهم النضالي، وثالثها هذا القرار الذي يأتي تجسيداً للاءات رئيس وزراء دولة العصابات الصهيونية بنيامين نتانياهو لا لعودة القدس، ولا لحق العودة، ولا للانسحاب من خطوط 4 يونيو 1967، وهي الثلاث قضايا الجوهرية لإقامة سلام من أي نوع.
والمشروع الصهيوني الذي يأتي استكمالاً لقرار الضم العام 1967 والذي رفضه المجتمع الدولي عام 1980 عندما لم تكن الولايات المتحدة هي سيدة القرار الدولي بكل تفاصيله فلم تعترف أي دولة بقرار الضم، يقضي تماماً مع الحركة الاستيطانية الشرسة في الضفة الغربية المحتلة، إلى جانب التعنت الإسرائيلي في قضية حق العودة التي تشكل عصب القضية وجوهرها، على أي أمل بإقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967، لأن القدس خط أحمر لا يمكن تجاوزه بأي شكل من الأشكال، فكيف يمكن لـ «حل الدولتين» الهلامي أن يقام مع مواصلة احتلال عاصمة الدولة الفلسطينية، هذه هي حقيقة «إسرائيل».. برسم كل الذين ما زالوا يراهنون على إمكانية جنوحها لإقامة «السلام» مع الفلسطينيين أو العرب.
واليوم وأمام هذا التحدي السافر للعرب جميعاً وللذين ما زالوا يراهنون على جذب الكيان الصهيوني إلى طاولة المفاوضات إلزامه بمتطلبات السلام، وأمام جامعة الدول العربية التي تقول أن مدينة القدس «خط أحمر» ليس للفلسطينيين فحسب بل لمجمل الأمتين العربية والإسلامية، وأن المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة معني بشكل أساسي بما يجري من انتهاكات خطيرة في المدينة المقدسة، ماذا سيفعل العرب؟! هل سيكتفون ببيان جامعة الدول العربية وكفى الله المؤمنين شر القتال».. ويلقون على«الأجنبي» الذي يمارس صمتاً أمام كل الجرائم الإسرائيلية بما يرقى إلى الموافقة والتشجيع عليها، مسؤولية حماية المقدسات الإسلامية واستردادها، أم أنهم سيلبون نداء قبلتهم الأولى واستغاثة مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينتفضوا في ظل «الربيع العربي» واتخاذ قرار وموقف حاسم وشجاع يتناغم مع ما نعيش من «ربيع» يهز الأرض من تحت أقدام الغزاة الصهاينة قتلة الأطفال والنساء والمدنيين العزل.
هل نأمل بحراك عربي جاد وحقيقي لمنع دولة العصابات الصهيونية من استكمال تنفيذ مخططاتها الشريرة بحق المدينة المقدسة والدولة الفلسطينية وبالتالي «السلام» الموهوم في ظل هذه العصابات التي تريد المفاوضات من أجل المفاوضات فقط لاستكمال مخططاتها التوسعية والاستيطانية وإضعاف العرب عبر ألاعيبها هي وحلفائها الصامتين على الجرائم الإسرائيلية وفي مقدمتها ما يجري بحق القدس من ضم وتهويد واستيطان واغتصاب يريدونه «أبدياً»؟.
ـــــــــــــــــــــــــ
صحيفة الوطن القطرية