أنواع الدعوة إلى الله
خصائص الدعوة إلى الله
أولا: ربانية المصدر
الدعوة إلى الله مصدرها الله تعالى، فهي مرتبطة به، وهذا ما أضفى عليها قدسية لا نجدها في الدعوات الوثنية والأرضية الأخرى، بل وحتى الدعوات التي تستند إلى كتب سماوية تفتقد إلى هذه القدسية، كالمسيحية المحرفة التي تتبنى عقيدة التثليث.
وارتباط الدعوة بالله عز وجل يبعث الطمأنينة والسكينة في قلب الداعي، فكما يقول ابن عطاء الله السكندري: [من وجد الله فماذا فقد].
ثانيا: عالمية الانتشار
فهي لا تخص جنسا معينا، بل تتوجه إلى كل البشر مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [سورة الأنبياء، الآية 107].
وهي عالمية من حيث الزمان فهي لا تتوقف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولا تتعطل أبدا، أما من حيث المكان فهي نور الله الذي يضيء جميع الأرض، لذلك على الدعاة أن يستشعروا مسؤوليتهم في تبليغ الدعوة إلى كل الآفاق.
ثالثا: شمولية المنهاج
فهو يستوعب كل شرائح المجتمع: العالمين والجاهلين، والأغنياء والفقراء، والمؤمنين والكافرين... وهذا المنهاج يخاطب كل شريحة مع مراعاة خصوصياتها حتى تكون الدعوة على بصيرة وفهم وعلم ودراية وبالتالي تكون ناجحة، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ﴾ [سورة يوسف، الآية 108].
رابعا: مراعاة واقع المدعوين
الدعوة واقعية تأخذ بعين الاعتبار ظروف المدعوين الاجتماعية والثقافية وطبيعة مشاكلهم...، لذا على الداعي أن يكون واقعيا في تعامله معهم.
خامسا: ايجابية النظرة
أ- الكون: وهي نظرة إعمار واكتشاف، فهذا الكون- الذي خُلِقنا فيه - يسير وفق نواميس أودعها الله فيه لابد من اكتشافها، ومن ثم العمل بمقتضاها للإعمار، فهذه النظرة تخلق في الإنسان حب التأمل وتوحيد الله المبدع في صنيعه فيزداد إيمانا على إيمانه، وعلما بحقيقة خالقه، أليس الله هو القائل: ﴿...إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [سورة فاطر، الآية 28].
ب- الحياة: وهي فترة للعمل فيما ينفع الناس، ولا تقاس بحياة الأفراد، وهذا ما أراد الرسول أن يرسخه في نفوس المؤمنين: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) [رواه أحمد]، وجسده ذلك الفلاح المسن الذي غرس أشجارا - تثمر بعد سنوات - لما استفسر عن سبب غرسه إياها فقال: [غرسوا فأكلنا، ونحن الآن نغرس ليأكل من يأتي بعدنا].
ج- الإنسان: هو المخلوق الذي كرمه الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...﴾ [سورة الإسراء، الآية 70].
وهو الأساس في قيام الحضارة كما يقول مالك بن نبي لذلك لابد من المحافظة عليه جسدا وروحا كما أمرنا تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [سورة القصص، الآية 77].
سادسا: أخلاقية الوسائل والأهداف
الأخلاق في الإسلام عامة لا تخص المسلمين فقط، لقوله : (اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) [رواه الترمذي وقال حديث حسن]، ليس كالدعوة اليهودية التي تستند إلى التوراة المحرفة والتلمود والبروتوكولات الداعية إلى التحلي بالأخلاق فيما بينهم والتملص منها مع غيرهم.
إن الدعوة إلى الله أهدافها أخلاقية ووسائلها كذلك ومنه صيغت القواعد التالية: [نبل الوسائل من نبل الأهداف] و[طهر الأدوات من طهر الغايات]، و[سلامة المنطلقات من سلامة المآلات]، ففي ظل الدعوة إلى الله تنتفي القاعدة الميكيافلية [الغاية تبرر الوسيلة]، فغاية الدعوة هي التمكين لدين الله وهي غاية نبيلة ووسائلها كذلك نبيلة.
عبدالقادر بن فالح الحجيري السلمي
صيد الفوائد